"تعديل قانون (الجرائم الإلكترونية) في الأردن: مخاطر وتأثيرات سلبية على حرية التعبير والمجتمع"

"تعديل قانون (الجرائم الإلكترونية) في الأردن: مخاطر وتأثيرات سلبية على حرية التعبير والمجتمع"


في الآونة الأخيرة، أثار التعديل الأخير على قانون (الجرائم الإلكترونية) لسنة 2023 في الأردن جدلاً واسعاً، حيث أن هناك مخاطر وسيئات كبيرة تنذر بتأثيراتها السلبية على المجتمع. وتتجلى هذه المخاطر في تضييق نطاق حرية التعبير والرأي على الإنترنت، حيث يُعتبر أي نشاط لا يعجب المسؤول أو يخالف هواه منتهكاً للقانون، مما يتيح التفسيرات المتباينة والاختيارية للمساءلة ويُجعل التعديل فضفاضاً وغير قابل للسيطرة.


للأسف، يترتب على هذا التضييق تأثيرات سلبية على حرية التعبير الشخصي والجماعي في المجتمع. حيث يجد الأفراد أنفسهم مضطرين لاحتواء تعبيراتهم والتقليل من الانتقادات، بما في ذلك الانتقادات المتعلقة بالفساد وهدر المال العام والترهل في أجهزة الدولة، خوفاً من التبعات القانونية والعواقب الاجتماعية التي قد تؤثر على حياتهم اليومية وتعرضهم لبطش السلطة والقبضة الأمنية.


وإذا استمر هذا التضييق واشتد، فإن الشارع سيغلي وينفجر في أي لحظة. فالقمع الشديد لحقوق الإنسان وحريات المواطنين يولد شعوراً بالظلم والاضطهاد، وقد يدفع المجتمع نحو الانفعالات العنيفة للتعبير عن غضبه واحتجاجه على ما يعتبرونه تجاوزاً لحقوقهم الأساسية.


نجد أيضاً أن التعديل يشدد على العقوبات المفروضة على المخالفين، مما يهدد بزيادة الضغوط والاضطهاد على المدونين والصحفيين والنشطاء والمثقفين. يُمكن السلطات الأمنية من مراقبة وتفتيش وحجب وحذف أي محتوى إلكتروني بدون الحاجة إلى إذن قضائي مسبق، مما يشكل انتهاكاً للخصوصية والسرية الشخصية للأفراد ويُخل بحصانة حرية التعبير عبر الإنترنت.


ويتطلب الأمر أن نتساءل، هل نطمح لمثل هذا الواقع في الأردن؟ أين هي الوعود التي قطعها النظام والحكومة لحرية الرأي والتعبير والحياة السياسية والحزبية؟


بداية حرية الرأي والتعبير هي أساس تطور المجتمع وتقدمه. ومن ثم يأتي الدور على الأحزاب لتكون تحت سيطرة الأجهزة الأمنية وأجهزة الدولة، مما سيفقدها ثقة الشارع ويزيد من الفجوة بين الحكومة والشعب.


لذا، ينبغي على الأطراف المعنية سحب القانون فوراً، وأن يتم النظر فيه من جديد بشكل شامل وشفاف. يجب أن تُؤخذ حقوق الإنسان والحريات العامة في الاعتبار في عملية التعديل، وأن تُضاف ضمانات واضحة لحماية حقوق المواطنين في التعبير عن آرائهم بحرية على الإنترنت، دون التعرض للتهديد أو الاضطهاد.


التوازن بين حماية المجتمع وحماية حقوق المواطنين هو أمر ضروري لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والتقدم الشامل. يجب أن نسعى لوضع قوانين تُلبي احتياجات المجتمع، وفي الوقت نفسه تُكفل حقوق الأفراد في التعبير والانتقاد بحرية ومسؤولية. التعبير الحر يعكس طبيعة الإنسان وهو حق طبيعي غير قابل للنقاش، فهو يكفله القانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان. إن التعبير الحر والمشاركة الفعّالة تشكّلان أساس بناء المجتمعات المزدهرة والمتقدمة.

و في النهاية لنكن على يقين بأن سحب هذا القانون سيكون في مصلحة الأردن والأردنيين، وسيساهم في تعزيز الثقة بين الحكومة والشعب، وتحقيق التنمية والازدهار في مختلف المجالات. الجميع مدعوون للعمل بروح التعاون والحوار لوضع قوانين تحافظ على حقوق الجميع وتحقق تطلعات المجتمع نحو مستقبل أفضل.

                                                       المهندس عبدالله امجد ابوزيد



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قائمة المدعوين والضوابط لامتحان التعليم الإضافي

نماذج امتحان التعليم الاضافي

الديموقراطية الاجتماعية في الاردن

سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ

كرامة الرجال و حياء النساء

الكشف عن تفاصيل نظام تقسيم الدوائر الانتخابية لمحافظتي عمان واربد

"الشماغ الأحمر: رمز الهوية والتضحية والوطنية في قلوب أبناء الوطن العظيم"

"تحديات وفرص مشاركة الشباب في النظام السياسي الأردني: دور الأحزاب السياسية وتحسين الحكم الشامل"

"التلوث الديموغرافي في الأردن: تحديات وتأثيره على التركيبة الاجتماعية والثقافية"